اسحب
تعزيز اعتماد النساء والفتيات على الذات يجعل حياتهن وحياة أسرهن وحياة المجتمع أكثر استقرارا

تعزيز اعتماد النساء والفتيات على الذات يجعل حياتهن وحياة أسرهن وحياة المجتمع أكثر استقرارا

كان حلم فردوس محمد أن تواصل تعليمها الجامعي وأن تحصل على وظيفة لكي يكون مستقبلها بيديها، لكن فجأة وجدت نفسها واسرتها شبه مهمشين في بيت غير مناسب، وصار عليها أن تتكيف مع وضع مختلف. أما هاجر العريفي التي حققت حلم الدراسة لم تكن تتوقع ان تواجه عقبة "الخبرات" عندما بحثت عن وظيفة بعد تخرجها من الجامعة مؤخرا. جمع فردوس وهاجر حلم مشترك وكلاهن حصلت على أمل جديد عندما استهدفهن برنامج الفرص المستدامة لسبل كسب العيش والمهن والتوظيف في اليمن الهادف لخلق مصادر جديدة للدخل والفرص الاقتصادية لـ40 من النساء والفتيات المستضعفات والنازحات من خلال تنمية قدراتهن ومهاراتهن.

أطلقت مؤسسة تنمية القيادات الشابة برنامج الفرص المستدامة لسبل كسب العيش والمهن والتوظيف في اليمن في مارس 2022م، بهدف رئيسي يسعى لتعزيز الاعتماد على الذات لدى النساء والفتيات الضعيفات والنازحات في المناطق المتضررة من النزاع من خلال سبل العيش وتدخل التمكين الاقتصادي. وإلى جانب خلق مصادر جديدة للدخل والفرص الاقتصادية لـ25 امرأة وفتاة، هدف البرنامج إلى زيادة المهارات الوظيفية والحياتية المطلوبة للحصول على وظائف لـ 15 شابة حديثة التخرج من الجامعة.

"الآن أنا قريبة من إعادة مستقبلي إلى يدي مجددا" تقول فردوس التي كانت قد فقدت الأمل نهائيا بعد ان نزحت مع أسرتها بسبب الصراع، أما هاجر فقد بات لديها ما ينقصها لكي تصبح مؤهلة للحصول على وظيفة، في الحقيقة لقد حصلت على عرض توظيف وهي متحمسة له، تقول: " لدي خبرة عملية وهذا الأمر يجعل فرصتي أكبر".

كانت فردوس قد شعرت بالإحباط، وساءت علاقتها بمحيطها، لكن بعد اشتراكها في البرنامج أختلف الوضع: "أستطيع القول بأنني أصبحت فتاة أخرى" قالت فردوس إن البرنامج ساعدها: "خرجت من قوقعتي ووحدتي، حتى أبي الذي لم يكن بيني وبينه لغة تفاهم تغير وصار ودودا ويثق بي كثيرا". خلال ثلاثة أشهر تعلمت الخياطة وحصلت على منحة وهي تخطط لبدء مشروعا تجاريا صغيرا.

خلق مصادر جديدة للدخل والفرص الاقتصادية للنساء والفتيات المستضعفات والنازحات من خلال تنمية قدراتهن ومهاراتهن، لا يجعل حياتهن وحياة أسرهن أكثر استقرار فقط، بل وحياة المجتمع أيضا. تقول رقية وهي مشاركة أخرى في البرنامج إن اتقانها لمهنة الخياطة يساعدها في الحصول على دخل ولكنه يساعد محيطها أكثر لأنهم يوفرون وقت ومال.

النساء ومصادر الدخل

ضمن أنشطة المكون الأول من برنامج الفرص المستدامة لسبل كسب العيش والمهن والتوظيف في اليمن استفادت 25 امرأة وفتاة من المستضعفات والنازحات من برنامج تدريبي مكثف يهدف لمساعدتهن في خلق مصادر دخل جديدة وفرص اقتصادية من خلال تنمية قدراتهن ومهاراتهن، كما حصلن على منح عينية عبارة عن أدوات خياطة، لمساعدتهن في بدء اعمالهن الخاصة. 

تتضرر النساء والفتيات بشكل غير متناسب أثناء الأزمات. لا يحصلن على الفرصة دائما ليعبرن عن أنفسهن، ويقاسين الويلات. وتأتي أهمية هذا البرنامج من كون "أغلب جهود وتدخلات منظمات ومؤسسات المجتمع المدني تركزت منذ بداية الحرب في مجال الاغاثة الإنسانية" بحسب محمد الماوري منسق البرنامج الذي قال أيضا: إنه "في ظل هذه المعطيات يصبح لمساعدة النساء والفتيات في خلق فرص عمل وسبل كسب عيش مستدامة أهمية قصوى".

ويضيف الماوري: "النساء والفتيات المستهدفات ضمن المكون الأول للبرنامج أسرهن مصنفة إما ضمن الأسر الأشد فقرا، أو ضمن الأسر التي تضررت بشدة وبشكل مباشر من الحرب وهن بأمس الحاجة لدخل مستدام، كما أن 70% منهن تلقين أو يتلقين مع أسرهن معونات وإغاثة إنسانية من مشاريع الاستجابة الطارئة التي تنفذها مؤسسة تنمية القيادات الشابة للحد من تفاقم الأزمة الإنسانية التي تسببت بها الحرب في اليمن".

اخذ القائمين على البرنامج في الاعتبارر تواضع الخبرة والمعرفة لدى أغلب المتدربات، وتدني مستواهن التعليمي أو انعدامه، فبعضهن أميات تماما والبعض الأخر لم يتجاوزن المرحلة الابتدائية. "حرصنا أن تصل المعلومة لكل متدربة وأن تستوعبها وتحاول تطبيقها" قالت المدربة نجلاء راوية إن فكرة المجموعتين كانت أفضل طريقة لضمان وصول المعلومات للجميع، وأضافت: "لمسنا رغبة لديهن لعمل شيء ما لتغيير واقعهن، لذا بذلت كل طاقتي وأتمنى أن هذا سوف يساعدهن لأن كل واحدة منهن تستحق واقعا أفضل".

وإلى جانب التدريبات المهنية تعرفت المتدربات على كيفية إعداد دراسة جدوى فعالة لمشروع تجاري صغير، بالإضافة لكيفية إعداد خطط العمل، الميزانيات، التقارير، التحليل، التسويق، واستراتيجيات البيع والشراء المتناسبة مع حجم المشروع ونماءه.

"هذه فرصة كبيرة لهؤلاء النساء لأنها ستساعدهن على إيجاد مصدر دخل دائم ومستدام لهن ولأسرهن" تقول المدربة نجلاء. و "في ظل الواقع الصعب" قال منسق البرنامج ‎محمد الماوري: "التحول الذي تشهده هؤلاء النساء محوريا وسيغير حياتهن".

تعزيز الاعتماد على الذات

‏يحصل أن تقدم إحداهن، أو أحدهم على وظيفة ويُرفض طلبه أو طلبها لإنعدام الخبرة. من هذا المنطلق اهتم برنامج الفرص المستدامة لسبل كسب العيش والمهن والتوظيف في اليمن بالخريجات حديثا من الجامعة. 

ومن أجل زيادة المهارات المهنية والحياتية المطلوبة للحصول على وظائف لعدد 15 فتاة نفذ البرنامج نوعين من التدريب الأول نظري على المهارات المهنية لزيادة فرص العمل على أساس الجدارة المطلوبة للحصول على وظيفة، والثاني عملي وظيفي مع الشركات المحلية ذات السمعة الطيبة ومنظمات المجتمع المدني.

هاجر العريفي كانت احدى الفتيات اللائي تم استهدافهن ضمن هذا المكون وقد حصلت على فرصة تدريب عملي لمدة 3 أشهر مع منظمة مجتمع مدني محلية. تقول مجيبة عما اذا كانت تعتقد ان التطبيق العملي في مكان العمل اضاف إلى خبراتها ؟: "نعم، عرفت بيئة العمل، وأوكلت لي العديد من المهام التي تعلمت ما يجب فعله لكي انجزها، هذا مؤكد، لقد اصبح لدي خبرة الآن".

خلال فترة التدريب كانت هاجر مسؤولة عن معاملات العهد النثرية، وتسلمت مهام السكرتارية والتواصل مع العملاء، بالإضافة إلى تنسيق عملية التوظيف الخارجي: نشر الإعلان, فلترة المتقدمين، وتعلمت الطباعة وأرشفة الملفات، لقد بذلت جهود كبيرة لكي تتعلم، وقبل أن تنتهي فترة التدريب كانت قد حصلت على عرض عمل.

وكانت مؤسسة تنمية القيادات الشابة أعلنت منتصف فبراير المنصرم عن تدشينها للبرنامج بإعلان نشرته على مواقع التواصل الإجتماعي الخاص بها. وكانت نوال دبيس مديرة البرامج في مؤسسة تنمية القيادات الشابة قد تحدثت عما سيضيفه هذا المشروع، وبشكل ملموس على الأخرين: "تكمن أهمية هذا المشروع في ربط هؤلاء النساء والفتيات، بسوق العمل بشكل مباشر".